من المفاهيم الخاطئة المنتشرة في مجتمعاتنا أن لأستئصال الرحم تأثير سلبي مباشر او غير مباشر على قدرة المرأة على ممارسة العلاقة الحميمة بوجة خاص وعلى صحتها بوجة عام .
وقد يتسبب هذا الأعتقاد الخاطئ في هروب الزوج من ممارسة العلاقة الحميمة مع زوجته خوفا على صحتها .
فهذا الأعتقاد يربط بين قدرة المرأة على الممارسة الحميمة وبين وجود الأعضاء التناسلية ، «وليس المقصود هنا الأعضاء الجنسية فقط» ، الأمر الذي جعل بعض السيدات يتعرضن للاكتئاب بعد عمليات إزالة الرحم ، لأي سبب ، سواء أكان نتيجة إصابة المرأة بالسرطان أم حتى بالأورام الحميدة .
والتي يتطلب الأمر إزالتها لوقاية المرأة من المضاعفات التي تنتج عن مثل هذه الأورام .
فمثل هذه الحالات تحتاج إلى إعادة تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة لدى الزوجة ، وأيضاً لدى الزوج ؛ حتى تستمر العلاقة الحميمة بأفضل صورها الممكنة .
السيدة «ر.ح» تقول : إنها تبلغ من العمر 35 عاماً ، متزوجة ولديها ثلاثة أولاد في المراحل الدراسية المختلفة ، زواجها مستقر إلى حد الرضا من الجانبين ، حتى اليوم الذي أصيبت فيه بنزيف مهبلي حاد ، الأمر الذي استوجب إجراء العديد من الفحوصات ، وتم تشخيص حالتها بأنها تعاني من الأورام الليفية الحميدة ، والتي تتطلب إزالتها نظراً لكبر حجمها مع إزالة للرحم ، وتضيف أنها أصيبت بحالة من الهلع والخوف على مستقبل العلاقة مع الزوج الذي بدأ يتهرب من العلاقة الحميمة معها ؛ خوفاً من أن يتسبب لها في أي مشكلة أو عارض صحي ، مع تأكيده المستمر لها بأنه لايزال يحبها ، ويحرص على مشاعرها .
وتسأل هل يمكن أن يكون السبب لتهرب الزوج من العلاقة الحميمة ، كما يقول فعلاً ، بأنه خائف على صحتها ؟
وهل يمكن أن تكون «امرأة كاملة» تستطيع ممارسة الجماع حتى بعد استئصال الرحم ؟
أم أن الأمر يحتاج إلى تضحية من نوع خاص من جانبها ؛ لإسعاد الزوج وتقبل فكرة زواجه بأخرى ، حتى ولو لم يذكر هو أي شيء عن ذلك ؟
السيدة الفاضلة «ر.ح» الأمر أبسط مما تتخيلين ، وأعتقد أن المشكلة تكمن في المعتقدات الخاطئة المنتشرة في معظم المجتمعات العربية حول الخلط بين قدرة المرأة على الممارسة الحميمة ، وعدم قدرتها على الإنجاب بعد عمليات استئصال الرحم .
فمن الناحية العلمية إذا تم استئصال الرحم نتيجة الأورام الليفية الحميدة عادة ما يتم الاحتفاظ بالمبيضين وعنق الرحم ، ويتم إزالة جسم الرحم فقط ، وبذلك تستطيع المرأة أن تمارس العلاقة بالصورة نفسها التي كانت عليها قبل الجراحة ، ولكن لا تستطيع الحمل .
هناك بعض الحالات التي يتم فيها إزالة الورم فقط والإبقاء على الرحم ، إذا كان الورم خارج الرحم أو صغير الحجم ؛ مما يجعلها قادرة أيضاً على الإنجاب .
المشكلة الثانية تكمن في التغير النفسي ، الذي يطرأ على الزوج بعد تعرض الزوجة للجراحة في الرحم ؛ فقد يشعر بالخوف من أن يتسبب لها في آلام أو التهابات ؛ مما يجعله غير راغب في الممارسة الحميمة .
وهناك العديد من الدراسات التي بحثت في هذا الموضوع ، والحل يكمن في إيضاح الحقائق العلمية المتعلقة بإمكانية عودة الحياة الجنسية بين الزوجين بعد الشفاء والتئام الجروح ، وهو الدور الذي يجب أن تقوم به طبيبة النساء والتوليد للزوجين معاً ، وحتى قبل الإقدام على الجراحة ؛ حيث يجب الإجابة عن التساؤلات والمخاوف المرتبطة بإزالة الرحم ، وتقديم الحقائق العلمية حول الأمور الحساسة مثل الجماع ، والقدرة على الإنجاب ، ونحو ذلك من المسائل التي تؤرق حياة الزوجين كلاً على حدة .
الأمر الثاني لا يجب أن تتخذي أي قرار متعلق بالزوج بدلاً منه ، مثل موضوع الزواج الثاني من عدمه ، فالمسألة تتطلب الحوار الهادئ بينكما ، خاصة حول عدد الأولاد ، الذي تتمنونه والتخطيط لمستقبل الأسرة .
ولا ننسى أن نوضح أن بعض الزوجات يشعرن بالراحة بعد إجراء إزالة الرحم ، خاصة إذا كان الورم يسبب الكثير من النزيف وفقدان الدم ، ويجعلها معرضة للإعياء العام وفقر الدم ، وهو ما يؤثر حتماً على القدرة الجنسية قبل العلاج الجراحي .
هناك انتشار لبعض المعتقدات الخاطئة في المجتمع ، والتي تتعلق بالقدرة الجنسية ، وقد يكمن العلاج في تحسين الثقافة حول هذا الجانب للزوجين ، وتقديمها كحق لهما من قبل الطبيب المختص ؛ للحفاظ على الصحة الجسدية والنفسية للاثنين معاً .